غادرت الدار منطلقة الى حيث شجرة الطلح التي حذرها زوجها من الذهاب اليها..
و لكن الفضول دعاها الى إلى رؤية القلب المعلق على الزهرة .. وإذ اشبعت فضولها
جلست بجانب النهر وكشفت عن ساقيها الجميلتين.. ودلتهما في الماء وهي تحركهما في صخب ولذة
اضطرب النيل وأثاره مرأى الساقين .. وأحس بالجوى نحوها .. فدفع أمواجه تضمها وتخطفها..
ولكنها سارعت برفع ساقيها وانطلقت تجري في خوف الى الدار..
اسف النيل لهرب المرأة التي رغب فيها وراح يتوسل شجرة الطلح ان تجعله يخطفها .. ولكن الشجرة رفضت اوسله ..
و ظلت على رفضها وهو على توسله..
حتى أشفقت عليه آخر الأمر.. فمنحته خصلة من شعر المرأة..
يشم فيها عبيرها ويطفئ بها ظمأه المجنون..
حمل النيل خصلة الشعر وراح يجري.. ولم ينتبه خلال جريانه الى مغتسل فرعون الذي كان يمتد من جانب الشط ..
فإذا بخصلة الشعر تسقط في حوضه ..
واذا بالطيب الساحر يتسرب منها الى ثياب الفرعون فأثار اعصابه..
واقسم ليقتلن رئيس الغسالين لأن لم يأته بسر الطيب..
و طفق رئيس الغسالين يبحث عن سر الطيب حتى عثر آخر الأمر على خصلة الشعر في الحوض ..
فحملها الى فرعون الذي شمها .. فأحس بنشوة صاخبة مجنونة..
وأمر بالسحرة ان يأتوه..
اجتمع كل سحرة البلاد عند الملك واخذا يقلبون الخصلة ولا يفهمون لها سراً
ولكن هتف احدهم:
ايها الفرعون هذه الخصلة انتزعت من احدى بنات الإله رع حورس..
(واقسم الفرعون ليبحثن عن ابنة الإله صاحبة الخصلة )
فأرسل رجاله يجوبون انحاء الارض ..
فذهب بعضهم الى وادي الطلح
فلم يعد منهم سوى واحد استطاع ان يهرب من يد بايتي ..
الذي قتل جميع رسل الملك الذين حاولو معرفة سر زوجته
انطلق الرسول الهارب الى الملك يخبره عن مكان ابنة الإله رع حورس.
فأمر الملك فرقة من الفرسان والرماة بالذهاب الى وادي الطلح
وارسل مع الفرقة امرأة اوصاها بمرافقة ابنة الإله ومساعدتها على التأنق والتزين.
وكمنت الفرقة بين الغاب حتى خرج بايتي للصيد ..
فهاجموا البيت الصغير واختطفوا المرأة وانطلقوا بها الى الفرعون..
وصلوا بالمرأة الى قصر الفرعون .
و مع طول المقام سعدت المرأة بعيشها كملكة في قصر الفرعون
واستقر بها الرأي ان قررت البقاء ابد الدهر
ولا تعود الى وادي الطلح ..
وعندما بدا لها انه سيأتي اليوم الذي سيعثر فيه زوجها عليها ..
انطلقت الى الفرعون تكشف له سر قلب زوجها المعلق على زهرة شجرة الطلح
وكيف سيفقد الرجل حياته اذا ما قطعت هذه الشجرة وسقط القلب على الأرض ..
انطلق الرسل من فورهم الى وادي الطلح من جديد..
وعندما عادوا كانت الشجرة قد قطعت والقلب اختفى داخل الأرض
ومضى نهار كامل .. وجاء المساء..
جلس انوبو الشقيق الأكبر في بيته يملئ كأسه ..
فإذا بها تتعكر وتزبد .. ومن خلال الخمر شاهد انوبو وجه شقيقه
فأدرك انه في حاجة اليه..
لبس انوبو حذائه وحمل سلاحه واخذ طريقه الى وادي الطلح..
و عندما وصل الى بيت اخيه وجد الجثة لا تزال ساخنة فوق الفراش
فراح يبحث عن القلب هنا وهناك ولكنه لم يستطع العثور عليه
استمر انوبو يبحث ويبحث ويجد في البحث
ولكن دون جدوى ... راحت الايام تنقضي وتعقبها الشهور
وهو لا يزال يبحث عن قلب اخيه
مضت ثلاث سنوات .. وادرك في النهاية ان الامل قد ضاع، وقرر العودة الى المدينة
في اليوم الذي يسبق الرحيل نزل انوبو يبحث عن القلب للمرة الأخيرة
فظفر ببذرة في شكل قلب لم يكد يضعها في كأس ماء بارد
حتى انتفخت وظلت تتشبع بالماء وتنتفخ حتى صارت في حجم القلب
ولم يكد يبلغ حجمه حتى تحرك الجسد الذي كان لا يزال فوق الفراش
فتح بايتي عينيه وعادت الحياة اليه..
انطلق الأخوان عائدين الى منفيس
وخلال الطريق راح بايتي يقص على اخيه
كيف سينتقم من المرأة التي خانته والملك الذي قتله ..
واتفقا معا على الطريقه التي يمكن ان يدخلا بها القصر
و في الصباح تحول بايتي الى صورة ثور..
يحمل كل علامات التقديس.. من سواد الشعر وبياض الجبهة.
وانتصاب نسر مبسوط الجناحين على الظهر وصورة جعران على اللسان..
مع غزارة في شعرات خصلة الذيل..!!
وطلب باتي من اخيه ان يقوده في تلك الصورة الى القصر حيث تعيش امرأته..
وقال له : سر بي الى بلاط الفرعون ..
فهناك سيحسنون وفادتي
ويقدمون لك خير الطعام ويثقلونك بالذهب والفضة..
وسينظر الناس الي نظرهم الى تحفه خارقه ..
ويقدسونني ويجعلون لى في الارض أعيادا..
عندئذ عد انت بما حملت الى بيتك
واتركني داخل القصر حيث انزل نقمتي بكل من فيه..
وانطلق انوبو يقود الثور في الطريق الى القصر..
واطلت الملكة فإذا ثور مقدس فيه كل علامات التقديس يقوده فلاح ..
فأمرت باستدعاء صاحبه..
دخل انوبو القصر يقود الثور حتى وصل الى قاعة الملك والملكة
فلم يكد الملك يرى الثور حتى انحى له
ثم امر بأكياس من الذهب والفضة تهدى الى الفلاح..
وأخذ الجنود الثور الى حضيرة انيقة لا يغلق بابها ابدا
وكلف امهر العبيد بالسهر على راحته وتدليله ورعايته ليل نهار
راحت الأيام تمضي وبدأ الثور ينزل من الحضيرة وحده الى الحديقة..
ولا احد يمنعه فما كان احد في مصر يجرؤ
على اعتراض طريق ثور مقدس او حرمانه التمتع بحريته..
ذات يوم دخل الثور حرم القصر .. وقف أمام اجمل نساء الفرعون واحلاهن..
ولم تكن سوى الملكة ..................زوجته...!!
وانتبهت امرأة فرعون الى الثور ومدت كفيها تداعب شعره..
ولم تكد تفعل حتى سمعت من بين شفتي الثور صوتا يدعوها ..
فانحنت لتنصت .. وقال الثور :
انظري ... ها أنذا حي..!!!
وهتفت الملكة في رعب وفزع..!!
انت .. من تكون انت؟؟؟
قال الثور:
انا بايتي زوجك الذي خلقك من اجلي الإله ..
لقد طلبتي من الفرعون قطع الشجرة لأموت
ولكني مع ذلك ما زلت حيا في جسد ثور..!!
وغادر الثور حرم القصر . وترك زوجة الفرعون أشد ما تكون فزعا ورعبا..
ومضى ذلك اليوم .. وتبعه آخر..
و بينما كان الفرعون يجلس الى زوجته حول مائدة عامرة بأطايب الطعام والشراب
جعلت هي تملأ الكأس تلو الكأس
حتى ثمل وانهار وأسلس لها القياد..
هنا قالت الملكة FF0000:
عدني بحياة رع ان تمنحني كل ما أطلب منك..!
وضحك الملك في نشوة لا تعى وهو يقول:
وحياة رع حورس .. لأمنحنك ما تطلبين..!
إذن امنحني كبد ذلك الثور الحبيب..!
و في نشوة الخمر .. وانتظار أمر الملك بذبح الثور..
وانتظار الجزارون وفي ايديهم السكاكين ..
وعندما غادروا الحظيرة كان كل شيء قد انتهى
وكان جسد الثور محمولا على اعناقهم وقد فارق الحياة..!!
و مر الجزارون وجسد الثور معهم أمام باب فرعون
وبينماهم يمرون قطرت الجثة دما امام الباب .. لم ينتبه إليها احد ..
و مر اليوم وجاء صباح ..
فإذا شجرة لبخ ارتفعت حيث قطر الدم ..
وهي تحمل ثمارا حلوة لذيذة مقدسة..!!
وأحيط الملك علما بالمعجزة ..
فأقام حفلاً رائعاً للشجرة.. اشترك فيه كل أهل مصر..
ومضت أيام..
وهبط الملك إلى الحديقة ذات يوم وإلى جواره زوجته
وتحت شجرة اللبخ المقدسة جلس الملكان يتساقيان كؤوس الحب..
وإذهما في غمرة نشوتهما انتبهت الملكة إلى صوت يقول لها :
أيتها المرأة الخائنة .. أتفعلين ذلك وأنت تستظلين بظلي أنا زوجك بايتي ..؟؟
وصرخت المرأة وهي تحملق في الشجرة التي عادت تقول:
هاأنذا ما أزال حيا رغم كل أوامرك وخياناتك
لقد طلبت قطع شجرة الطلح ليموت قلبي وامرت بذبح الثور
لأفقد الحياة ولكني مع ذلك لازلت حيا
أتبعك في تلك الشجرة التي تطل عليك صباح مساء..
و مضت أيام أخر...
وبينما الملكان يقضيان وقتا لا يكاد خلاله يستطيع رفض طلبا لها قالت له..
عدني بحق رع حورس .. أن تمنحني كل ما أريد ...!
فأجابها الملك وحياة رع حورس .. لأمنحنك كل ما تريدين..
- أصدر امرك بقطع شجرة اللبخ وليصنع لي منها خزانة جميلة رائعة..!
وفي صباح اليوم التالي أمر الملك بقطع الشجرة ..
ووقفت الملكة تتشفى حين كان النجارون يشقون الساق ليصنعوا لها خزانة..
و فجأة وبينما هي تأمر وتنهى طارت الى فمها قطعة صغيرة من الخشب
لم تستطع الا بلعها رغما عنها .. ولكن الأمر لم يهمها بتاتا..
و مضت ايام وشهور .. وجاء الملكة المخاض..
وولدت امرأة الفرعون ولدا ذكرا .. لم يكن سوى بايتي نفسه.. !!
فرح الملك بإبنه الصغير.. وأعلنه وليا للعهد وارثا لملكه من بعده ..!!
راحت السنوات تمضي والامير يكبر و الملك يقترب من الشيخوخة ..
وعندما بلغ الفتى العنفوان كان الفرعون في طريقه الى السماء..
ملأت الفرحة كل مصر وهي تحتفل بملكها الجديد
وبينما الكهنة يضعون التاج على رأس فرعونهم الجديد
طلبوا منه ان يتزوج والدته .. زوجة الفرعون الراحل..!
جلس فرعون الجديد على العرش ..
ودعا اليه كل الكهنة وكل القادة وكل من في مصر من اعيان..
و بينما الجميع ينتظرون ان يعلن الفرعون زواجه من الملكة ..
انطلق صوته عميقا يحكي ماكان
منذ ان خرج من داره هاربا من زوجة اخيه
حتى اجلسته الآلهة على عرش الفرعون ..
وبين هذا وذاك عرف الجميع من تكون المرأة
التي تقف أمامهم لتكون زوجة الملك الجديد..!
وارتفع صوت الملك يسأل الكهنة وقواده
عن الحكم الذي ينزلونه بالمرأة الخائنة
وفي صوت واحد قال الجميع..!
الموت
ونفذ الحكم وبالسيف قطع رأس الملكة
تماما كما تنبأت لها ربات الجمال السبع..
اما بايتي فقد استمر على عرش مصر عشرين عاما
طار بعدها الى السماء تاركا عرشه لأنوبوا
الأخ الذي كاد يقتله ذات يوم بسبب إمرأة....؟؟؟